
التاريخ : 2025-11-24

مدة القراءة : 3 دقائق
شهدت الأسابيع الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في شعبية "القهوة الوظيفية". وهي موجة بدأت من زوايا متاجر الصحة الصغيرة، قبل أن تنتقل إلى المقاهي الرئيسية في بريطانيا والولايات المتحدة. والمثير أن كثيراً من المستهلكين بدأوا يتعاملون مع القهوة، ليس كمشروب صباحي، بل كـمكمل غذائي سائل. فبينما كان التركيز سابقاً على نوع البن وطريقة التحضير، أصبحت الأسئلة اليوم تدور حول: ماهي المكملات الغذائية في داخله؟
القهوة الوظيفية ليست مجرد إضافة نكهة، بل إعادة تعريف لدور القهوة في يوم الإنسان. فمنتجات مثل فطر "لايونز مين" والكولاجين والبروتين أضيفت إلى القهوة بهدف منح فوائد إضافية مثل: تركيز أعلى، طاقة مستقرة، أو حتى دعم لصحة البشرة والمفاصل. وتشير الأرقام إلى أن وجود قهوة الفطر في قوائم المقاهي البريطانية ارتفع بنسبة ٣٠٪ خلال عام واحد، فيما ذكرت سلسلة Black Sheep Coffee أن نحو ١٥٪ من الطلبات اليومية باتت تشمل مكونات وظيفية. ويُعزى هذا الإقبال إلى اعتقاد المستهلكين بأن هذه الإضافات تُقدّم فائدة للصحة دون تغيير جذري في العادات. غير أن الخبراء يؤكدون أن الاعتدال والوعي هما العامل الأهم؛ فمع أن فطر لايونز مين، على سبيل المثال، يُظهر نتائج واعدة في الدراسات، إلا أن الكميات المستخدمة في المقاهي عادة صغيرة ولا تعكس الجرعات البحثية. كما أن إضافة البروتين ليست ضرورية لمعظم الناس، باستثناء كبار السن أو الرياضيين المحترفين.
تجربة بي بي سي الأخيرة كشفت أن الفرق بين اللاتيه العادي ولاتيه الفطر بالكاد يُلاحظ. حيث لايوجد اختلاف في القوام، واللون يكاد يكون ذاته، وربما يظهر اختلاف طفيف في المرارة. وهذا يفتح باباً مهماً: هل يبحث الناس عن الطعم، أم عن الشعور؟ فالعديد من المستهلكين مثل زاك حدّاد الذي يشرب قهوة الفطر منذ ثلاث سنوات يتحدثون عن "صفاء ذهن" و"طاقة أنظف"، وهو ما يفسر توسع العلامات الكبرى مثل ستاربكس في بيع قهوة البروتين بشكل رسمي في السوق الأميركي.
موجة القهوة الوظيفية لا ترتبط فقط بالموضة الصحية، بل بصناعة آخذة في التوسع. فإضافة جنيه واحد لمشروب قهوة في بريطانيا تعني زيادة قد تصل إلى ٣٠ جنيهًا إضافياً شهريًا للمستهلك الواحد، وهو ما يفسّر اهتمام الشركات بإطلاق منتجاتها "المطورّة". وفي الولايات المتحدة، يدفع العملاء دولاراً واحداً مقابل حليب عالي البروتين، ما يعكس اتجاهاً استهلاكياً يربط بين العافية والرفاهية والقدرة الشرائية. هذه الأرقام تقودنا إلى بعد اقتصادي مهم: القهوة لم تعد سوقاً مشبعة؛ بل أصبحت منصة لاستيعاب مكملات جديدة، وفتح مسارات ربحية مبتكرة، وجذب فئة تبحث عن تحسين يومها بطريقة سريعة وسائلة.
القهوة الوظيفية ليست ابتكار في الطعم بقدر ما هي تطوير في الفكرة. فهي تقدم للمستهلك وعداً صغيراً: "تركيز أفضل دون رجفة"، "طاقة أطول دون انهيار"، و"جرعة صحة بدون وصفة". لكن الأبحاث تذكّرنا بأن الفائدة الحقيقية تأتي من الجرعات الصحيحة والسلوك المتوازن، لا من ملعقة فطر صغيرة في كوب لاتيه.
اقرأ المزيد من القصص والأخبار المماثلة يوميًا على بريدك.
