التاريخ : 2025-07-01
مدة القراءة : 2 دقائق
معظمنا جرّب يشتري كتاب تطوير ذات، وغالباً، كان العنوان فيه رقم: ٧ عادات، ٥ لغات حب، ٤٨ قانون، ٦ ركائز.
لأن العقول تحب الحلول الجاهزة، والأرقام تعطي شعور وهمي بالوضوح في عالم مشوّش. مثل كتاب "تعلّم الإنجليزية في ٧ أيام" نشتريه كأن اللغة مجرّد وصفة، نخلصها ونبدأ نحكي بطلاقة. بس الحقيقة لا اللغة تنفهم في أسبوع، ولا الحياة تنحلّ برقم.
عقلنا يحب يقسّم المعقّد إلى أجزاء صغيرة. تقسيم الحياة إلى "مراحل"، "عادات"، أو "خطوات" يعطينا إحساس بالسيطرة. لأن الرقم يصنع وهم الإنجاز، ويخفف من قلقنا. لكن فيه فرق بين تقسيم الواقع وبين اختزاله.
كثير من الناس يتعامل مع كتب تطوير الذات كأنها قائمة تسوّق: ✅ مارست الامتنان. ✅ جرّبت تمارين التنفس. ✅ تعلمت لغة الحب.
وما زلت متعباً. الكتاب مثلاً يعدك بالراحة بعد الخطوة الخامسة، لكن ألمك يرفض الترتيب. الخطوة اللي شفتها في الفصل الثالث قد تكون هي آخر شيء تحتاجه.
المشكلة ما تكون في النصيحة، بل في إحساسك أنك قاعد تفشل في "نظام محدد مسبقاً". تحسّ أن الخلل فيك، مو في القائمة. بس الحقيقة الحياة أعقد من أن تنطبق على خطة أو وصفة جاهزة لأن النجاح له أكثر من ٧ عادات والحب يتجاوز ٥ لغات.
في كل وصفة خطوات، يختفي شيء مهم: "اللا متوقّع": مكالمة ما حسبت حسابها، دمعة عفوية بعد أسبوع صمت.
يقول نيسارغاداتا مهاراج: "ما لم تتوقعه سيحدث. وما تنتظره قد لا يأتِ". وكتب كيركغارد: "الحياة ليست مشكلة لتُحل، بل واقع لتُعاش".
وهنا المفارقة: كلما حاولنا حل الحياة كأنها معادلة ضيّعنا جمال كونها تجربة لا تخضع للترقيم و لا تعمل وفق دليل إرشادي.
الأرقام ليست العدو. بس احذر تحوّلها إلى قانون ملزم. اقرأ كتابك كما تقرأ وصفة طبخ. غيّر المقادير، أضف، احذف ما لا يشبهك. فما يناسب شخص ما، ليس بضرورة أن يناسبك. وخطوتك الأولى، قد لا تكون في الصفحة الأولى.
الأرقام تعزينا، لكنها لا تنقذنا. الراحة ليست في الخطوة رقم ٤، ولا في الانتهاء من"٥ مراحل للشفاء"، بل في التقبّل: أن الحياة أعقد من أن تُختصر. لكن لا تقلق ترقّب مقالنا القادم: ٥ أسباب تجعل الحياة أشبه بوليمة فاخرة. (قلنا لك، صعب نقاوم الأرقام) جريد تقول: مو كل اللي يمشي بخطوات، يوصل أسرع.
اقرأ المزيد من القصص والأخبار المماثلة يوميًا على بريدك.