
التاريخ : 2025-07-09

مدة القراءة : 2 دقائق
في كل نقاش عن التعليم، نركّز على المعلم، البيئة، الدافعية. لكن نادراً ما نسأل: هل الدماغ نفسه مستعد للتعلم؟ علم الأعصاب اليوم يقول: مو كل تأخر سببه كسل أو ظروف، أحياناً قد يكون السبب بيولوجيا.
فـ بعض الأدمغة تواجه تحديات خفية في التوصيل العصبي أو القدرة على التكيّف، مما يعرقل تقدمها، حتى لو توفرت كل الفرص. فهل نقدر نعدل الكفّة بأدوات تشتغل من الداخل؟ تقنية "tRNS" قد تكون أول خطوة في هذا الاتجاه.
في جامعة سري البريطانية، يعمل فريق بحثي بقيادة البروفيسور روي كوهين كادوش على دراسة تقنية تُعرف باسم "التحفيز العشوائي عبر الجمجمة (tRNS)" وهي أداة غير جراحية تُستخدم لتحفيز مناطق معينة في الدماغ باستخدام تيار كهربائي منخفض، يُرسل عبر أقطاب صغيرة توضع على فروة الرأس. وقد اختُبرت هذه التقنية على أكثر من ثلاثة آلاف شخص، بينهم أطفال مصابون بفرط الحركة وتشتت الانتباه، وآخرون يعانون من صعوبات تعلم، إضافة إلى بالغين من خلفيات متنوعة.
حيث أظهرت النتائج عدم وجود آثار جانبية تُذكر مقارنة بالمعالجات الوهمية. فالتقنية آمنة، غير مؤلمة، ولا تعتمد على أي دواء أو تدخل جراحي.
يركز الفريق على منطقة محددة في الدماغ تُعرف باسم "القشرة الجبهية الجانبية الظهرية" وهي مسؤولة عن التركيز والذاكرة العاملة. فخلال تجربة حديثة، استخدم الباحثون tRNS بالتزامن مع تدريب على حل مسائل رياضية، ووجدوا أن التحفيز الكهربائي ساعد الأشخاص الذين يعانون من ضعف في الاتصال بين المناطق الدماغية المسؤولة عن الحسابات. تبين أن الأشخاص الذين كانت لديهم إشارات دماغية ضعيفة في ما يُعرف بالمرونة العصبية (قدرة الدماغ على التعلّم والتكيّف) هم من حققوا أكبر قدر من التحسّن. بمعنى آخر: التقنية كانت أشبه بـ"دفعة خفيفة" للدماغ ليستعيد نشاطه.
من اللافت أن فريق البحث اختبر التقنية على مجموعة من طلاب جامعة أكسفورد، الذين يتمتعون غالباً بمهارات رياضية قوية. ورغم مستواهم المتقدم، وقد لاحظ الباحثون تحسناً لدى كثيرين منهم، ما يعني أن الأثر لا يقتصر على أصحاب الأداء المتدني، بل يشمل أيضاً من هم فوق المتوسط، دون أن يصلوا إلى التفوق الحاد. في المقابل، لم تُظهر التقنية أي أثر على أشخاص من النخبة في الأداء الحسابي، مثل محترفي الحساب الذهني أو علماء الرياضيات المتمرسين. وهذا يعزز فكرة أن tRNS لا تُوسّع الفجوة بين المتعلمين، بل قد تساهم في تقليصها.
بعد أعوام من العمل في المختبرات، بدأ الباحثون حالياً في اختبار التقنية في المنازل، عبر تطبيقات تُستخدم أثناء الدراسة أو التدريب. ويُنتظر أن يؤدي هذا التوسّع إلى إدخال أدوات قائمة على علم الأعصاب في الفصول الدراسية والمنازل، ما يجعل الدعم التعليمي أكثر ذاتية، ومرونة، وعدالة.
*جريد تقول: بعض العقول ماهي أضعف.. بس تنتظر الدَفعة الصح.
اقرأ المزيد من القصص والأخبار المماثلة يوميًا على بريدك.
