التاريخ : 2024-03-16
مدة القراءة : 2 دقائق
كم رقم تمر عينك عليه في اليوم؟ ١٠؟ ١٠٠؟ ١٠٠٠؟
منذ أن نصحو حتى نمسي و الأرقام تحيط بنا، عدد الخطوات، عدد دقائق للذهاب للعمل، عدد دقائق العودة، أرباح الأسهم المستثمر فيها، سعر شقة تريد شرائها، قيمة طبق تريد أكله، عدد السعرات التي حرقتها في النادي، ووفقًا لآخر التقديرات، ننتج حاليا مجموع أرقام للكثير من الأشياء بشكل جماعي أعلى مما جمعته كل البشرية منذ عام ٢٠١٠.
عندما نحاول فهم شيء ما، فإننا نحتاج إلى مرجع، عادة ما يكون الأسبق لوعينا، ننطلق منه للفهم ، وهو ما يمكن تسميته في علم النفس بــ"المرجعية"، أي أننا نتأثر ونحكم على الأشياء بناء على المعلومات الأولية التي نحصل عليها، وهذا الذي يحصل بالفعل مع وكلاء العقارات، والسياسيون، والمفاوضين. فدفع مبلغ مليون ريال هو بمثابة صفقة رابحة ،إذا قيل لك أن الشقة المجاورة بيعت بمبلغ مليون ونص، وشراء كوب بمبلغ ١٠٠ ريال هو مبلغ مناسب إذا كان الكوب الذي بجانبه يحمل تخفيضا من ٢٥٠ إلى ١٠٠ ريال وهكذا… يختلف تقدير (السلعة/ الخدمة) بناء على الأرقام التي تقارنها بها.
بوعي أو بدون وعي، تؤثر هذه الأرقام التي تتعرض لها كل يوم في تشكيل قراراتك و دوافعك كونها إطار مرجعي تقارن به العالم وتخلق به القيمة، مثلًا: المنشور الذي حصل على ملايين الإعجابات في وسائل التواصل الاجتماعي هو بمثابة مادة ملهمة حتى لو لم يكن كذلك، والمطعم الذي حصل على ٥ نجمات هو مطعم أطباقه تستحق التجربة، و الفيلم الحاصل على أكثر تقييمات هو فيلم يستحق المشاهدة.
أن هذه الأرقام قد تكون مضللة، فتشير الدراسات أن الناس يقيّمون الأخبار المنتشرة بأنها ذات مصداقية عالية مقارنة مع تلك التي حصلت على انتشار و إعجاب أقل، حتى لو كانت من مصادر موثوقة.
قد يكون الراتب الذي تحصل عليه مجزئً، وإذا قارنته براتب آخر يعطيك قيمة متدنية، وقد تكون عدد السعرات التي تحرقها كافية، وإذا قارنتها بنتيجة أحد القصص المنشورة على انستقرام تجعل شعورك بائسًا، بل حتى تقدير المال والحكم على شيء إنه غالٍ أو رخيص يكون بناء على متوسط ما تدفعه عادة على هذا النوع من الأشياء.