
التاريخ : 2025-11-16

مدة القراءة : 3 دقائق
رغم تاريخ الولايات المتحدة الطويل مع الفقاعات المالية، فإن الحقبة الحالية تُعدّ من أكثر الفترات جنونًا من حيث الهندسة المالية. تقترب القيمة السوقية للشركات الأمريكية من أعلى مستوياتها مقارنة بالناتج المحلي، وتدفعها موجة جديدة من الاستراتيجيات المالية الجريئة التي يعانقها الرؤساء التنفيذيون بشغف.
هنا نحصر سبع توجهات، تمثل "الخطايا الرأسمالية" التي تطغى على سلوك السوق الأميركي.
الشركات الأمريكية، وحتى الحكومة، تتسابق اليوم في تبني العملات الرقمية. شركة مثل "Strategy" تحولت بالكامل إلى خزينة "بتكوين"، اشترت ما يفوق ٧٠ مليار دولار منه، عبر الاقتراض وإصدار الأسهم بشكل مكثف.
من "أسهم الميم" إلى صفقات "SPAC"، تسعى الشركات لركوب موجة حماس المستثمرين الأفراد. حتى الشركات الصغيرة وجدت طرقًا لرفع قيمتها السوقية بإعلانات بارزة أو شخصيات مؤثرة. نرى هذا التوجه اليوم أيضًا في اكتتابات السوق السعودي.
شركات كبرى مثل "Nvidia" و"OpenAI" تموّل بعضها البعض بطريقة تشبه "الغسيل المحاسبي" القديم، حيث تتكرر الصفقات الاستثمارية دون تبادل حقيقي للخدمات، ما يثير شكوكًا حول الاستدامة.
الاندماجات الكبرى تعود بقوة. هذا العام وحده شهدنا أكبر استحواذات في مجالات السكك الحديدية، ومراكز البيانات، وحتى قطاع المنتجات الاستهلاكية مثل صفقة "Kimberly-Clark" بـ٥٠ مليار دولار.
الشركات تموّل توسعها من خلال قروض بمليارات الدولارات، مثل صفقة "Meta" التي اقترضت ٣٠ مليارًا لتطوير مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي. وبعض القروض تأتي في صيغ "مهندسة ماليًا" لتُصنّف على أنها أسهم لدى المقترض، وديون لدى المقرض.
الاستثمار المحلي يتحوّل إلى شعارات وطنية: من أسهم تملكها الحكومة في "Intel" و"US Steel" إلى وعود تمويلات بقيمة تريليونات في قطاعات تمس الأمن و"المرونة القومية". حتى "OpenAI" اقترحت تأمينات أو ضمانات حكومية على قروضها قبل أن تتراجع عن هذا التصريح.
كما حدث في كل فقاعة سابقة، قد تكشف الانهيارات القادمة عن ممارسات احتيالية كانت مغطاة بوهج النمو مثل "Enron". من قروض مبالغ فيها إلى تصنيفات ائتمانية مريبة، إشارات الإنذار بدأت تظهر.
رغم الأجواء المزدهرة في "وول ستريت"، حيث الفروق الائتمانية لا تزال ضيّقة، وتقلبات الأسواق منخفضة، وزخم المستثمرين الأفراد في أعلى مستوياته، إلا أن علامات التعب بدأت تظهر في الأطراف. عملة "بيتكوين" تتراجع، وشركة "Strategy" تواجه خطر التصفية. في سوق الائتمان، إفلاس "First Brands" بعد اقتراضها ١٠ مليارات دولار يثير الريبة.
أما الاستثمار المحموم في الذكاء الاصطناعي، فلا يزال ينتظر برهان العائد قبل أن ينفد صبر الأسواق. وإن لم يأتِ، ستُلقى كلفة الخطايا السبع على الجميع: من المستثمر إلى المستهلك، ومن الدولة إلى المهندس الذي سيجد نفسه عاطلاً، فيما المهندسون الماليون ينجون من المحاسبة.. حتى إشعارٍ آخر.
اقرأ المزيد من القصص والأخبار المماثلة يوميًا على بريدك.
