التاريخ : 2024-12-30
مدة القراءة : 2 دقائق
حين نضع ناجحًا على المنبر ليحاضرنا، نسمع عن الإبداع، ومحورية الإيمان بفكرتك ولو كفر بها الآخرون، وكيف ترعاها لتنمو وتزدهر تحت جناحك الأبوي الرؤوم، وتتيح لها المجال لتتجلى كما أرادت، ولو حادت عن الطريق. ولكن، غالبًا ما يجلس بين الجماهير رائد أعمال مبتكر، سخر جهوده لابنته الفكرة، ورباها بعين مفتوحة على احتمالاتها، ولكن هذا لم يكفِ..
ربما يكون صديقنا داني كراولي من المبتكرين المتفانين الذين طالتهم الخيبة. فقد زارته ابنته الفكرة للمرة الأولى حين كان طالبًا جامعيًا، فقبض عليها وأقسم أن يشكلها كما أرادت. وهكذا تجلت فكرته لأول مرة على هيئة مشروع تخرج، وسمّاها دودچبول. بعدها استحوذت عليها جوجل وأغلقتها بعد فترة.
لكن صديقنا لم يفرغ من فكرته، بل أعاد تجسيدها في عام ٢٠٠٩م مع شريكه نافين سلفادوري، وهذه المرة على شكل فور سكوير، البرنامج الثوري في وقته، حيث كان يعتمد على تحديد المواقع ليصبح دليلًا سياحيًا "بلفة".
وهكذا طور كراولي روابط عاطفية مع فور سكوير، فقد أحب فكرته وآمن بها، وككل العشاق، ذاق ويلات عشقه، وعاصر احتضار فور سكوير بدرامية، لكنه تمسك بها حتى النهاية. في بادئ الأمر، ظن أن التشعب قد ينقذها، فأطلق سوارم تحت مظلتها، ليواكب تغيرات السوق وتحول أذواق المستخدمين وتفضيلاتهم. وفعلًا، توسعت الشركة وزادت أرباحها، لكن العقبات توالت، واضطر صديقنا لتسريح بعض موظفيه في محاولة لتقليل التكاليف، لعله ينعش صغيرته، ولكن الأمل حين يتجاوز حدة ينقلب بؤسًا.
وهنا وجد كراولي نفسه بين خيارين: إما أن يؤمن بابتكاره الأول ويكمل في حرب خاسرة، أو يتصرف كرائد أعمال مبتكر ويفلت فكرته المحبوبة. وبالطبع انتصر الواقع والمنطق، واعترف كراولي بأن الوقت حان للتخلي، وقرر إغلاق فور سكوير في الخامس عشر من ديسمبر هذا العام، ليركز على سوارم، واعترف أيضًا بأنه ألهى نفسه قليلًا وشتت شعور الخسارة بابتكار "شيء" جديد لا يزال سرًا!
وهكذا نتعلم جميعًا أن الابتكار وحده لا يكفي، بل يجب على الشركات التكيف مع احتياجات السوق المتغيرة. وانتهاء الفكرة لا يعني بالضرورة انتهاء الشركة، ولا هو إعلان لموت المبتكر، بل إن التركيز على المنتجات الأكثر تأثيرًا، والتخفيف من تبعات الخسارة، قد يكونان مفتاح الاستدامة في قطاع التكنولوجيا!