التاريخ : 2025-05-13
مدة القراءة : 2 دقائق
لم يعد الذكاء الاصطناعي ذلك الحرفي الصامت الذي ينتظر تعليمات واضحة. بل بدأ يتسلّل إلى مساحات لم يتخيّلها أحد. يلتقط ما بقي من شذرات الماضي، يعيد ترتيبها، ويظهر فيها ما يشبه الحياة. ففي زمن تحرّكه الخوارزميات، أصبح السؤال ليس ماذا يستطيع أن يبتكر.. بل ماذا قرر أن يُعيد.
محاكاة الأشخاص لم تكن سوى فكرة خيال علمي لسنوات. لكن تطور الذكاء الاصطناعي، وخاصة بعد الطفرة في قدرات توليد النصوص والصوت والصورة، جعل بناء نسخ رقمية من البشر أمراً واقعياً. حيث بدأت الشركات بتجربة هذه الفكرة بهدف الاحتفاظ بالذكريات أو تقديم تجربة تفاعلية مع الأحباء بعد وفاتهم. فما كان حلقة في مسلسل Black Mirror أصبح اليوم منتجاً تجارياً حقيقياً.
دخل الذكاء الاصطناعي في منطقة رمادية أخلاقياً. ففي أسبوع واحد، حدثت حالتان منفصلتان لكنهما استوقفتا العالم: - BBC Maestro وهي منصة تعليمية شبيهة بـ MasterClass أطلقت أول دورة كتابة في العالم يقدمها نموذج ذكاء اصطناعي من الروائية البريطانية الراحلة أجاثا كريستي. هذا النموذج استند إلى كتاباتها ومقابلاتها، وبموافقة رسمية من ورثتها، وفق ما ذكرته BBC.
محاكاة الراحلين باتت ساحة تنافس جديدة في الذكاء الاصطناعي، حيث تعتمد بشكل أساسي على الأثر الرقمي للمتوفين أو محتوى يوفره ذووهم، وهو ما ذكّر كثيرين بأولى حلقات الموسم الثاني من مسلسل Black Mirror. كما أن شركات مثل HereAfter AI و SeanceAI و StoryFile ظهرت لتتيح للناس "التحدث" مع أحبائهم بعد وفاتهم، أو حتى تلقي تعازيهم أثناء العزاء. كما بدأت جوجل في دراسة تطوير خدمة مماثلة عبر قسم أبحاث الذكاء الاصطناعي في الشركة منذ خريف العام الماضي.
خبراء الخصوصية دقوا ناقوس التحذير. فالمخاوف تشمل خطر وقوع بيانات الشخص المتوفى في الأيدي الخطأ، إضافة لإمكانية أن تتحول هذه "الأشباح الرقمية" إلى عامل يعمق الحزن بدلاً من تخفيفه.
لم يعد الذكاء الاصطناعي يكتفي بمحاكاة الأحياء. اليوم أصبح يعيد من رحلوا إلى الواجهة بطريقة غير مسبوقة. ومع استمرار هذه الموجة، يبقى السؤال: هل هذا تقدم إنساني يخدم الذكريات… أم اقتراب خطير من حدود لا يجب تجاوزها؟
جريد تقول: الذكاء الاصطناعي لا يُعيد الأحباب، لكنه يملأ الفراغ بصوت مألوف.
اقرأ المزيد من القصص والأخبار المماثلة يوميًا على بريدك.