التاريخ : 2025-02-05
مدة القراءة : 2 دقائق
عند الحديث عن الذاكرة نحن بين: فلان "ذاكرته حديد"، وفلان ذاكرته مثل "ذاكرة الذبابة"، وبين هذين المثلين الكثير من الأمثلة والأقاويل حول الذاكرة، كثير منها خرافة فعلًا، وقليل منها حقيقة.
يعتقد الكثيرون أن الذاكرة مليئة بالأخطاء وغير قابلة للاعتماد عليها، لكن الحقيقة هي أن الأبحاث تثبت أن الذاكرة طويلة الأمد دقيقة وموثوقة خصوصًا فيما يتعلق بتجاربنا الشخصية أو المواد التجريبية. دراسات عديدة أظهرت أن الذاكرة يمكنها الحفاظ على الأحداث الانتقالية والعاطفية بدقة، مثل: ذكرياتنا عن لحظاتنا الأولى في المدرسة الابتدائية، فطور "المقصف"، "الهبقات" في بعض السنوات الدراسية، أول "F" في الجامعة، وغيرها الكثير. هناك آلاف اللحظات الشخصية التي لا تزال عالقة بذاكرتنا، وهذه مثبتةً بدراسات طويلة المدى من علماء النفس مثل مارغولد لينتون وويليام فاغينار.
يظن البعض أن ذاكرتنا مثل ذاكرة "الجوال" التي تستلزم حذف بعض البيانات لاستقبال بيانات أخرى، كما يظنون أن الذكريات تتلاشى بمرور الوقت، لكن الأبحاث تؤكد أن الذاكرة يمكن أن تدوم لفترات طويلة، خاصة في حالة الذكريات المرتبطة بالأماكن والأحداث الهامة. فقد أظهرت الدراسات أن الذكريات المتعلقة بالصدمات، على سبيل المثال، قد تبقى حية في الذهن طوال الحياة، وبمجرد مرور الوقت، يمكن أن تسترجع الذكريات بشكل مفاجئ عندما نتعرض لمثيرات معينة، رائحة العطر مثلاً خير محفز للسفر بالذاكرة إلى بعض اللحظات والمواقف البعيدة جدًا.
يرى الكثير أن النسيان يعتبر ضعفًا في الذاكرة، لكنه في الواقع جزء أساسي من عملية التذكر الفعالة. النسيان يسمح لنا بتصفية المعلومات غير المهمة وتخزين الذكريات الهامة، بالإضافة إلى ذلك، يساعد النسيان في تعلم المفاهيم العامة من خلال دمج الذكريات الخاصة في معارف أوسع. كما أن نسيان الذكريات المؤلمة يساعدنا على التعافي بسرعة أكبر من الصدمات العاطفية.
هناك الكثير من الخرافات حول الذاكرة، تصديقها أو نفيها يعتمد على طريقة تعاملنا وفهمنا للذاكرة، فالذاكرة ليست مجرد عملية بسيطة للاحتفاظ بالمعلومات، إنها نظام معقد يتأثر بالعديد من العوامل النفسية والعاطفية، ولذا من المهم أن نفهمها بشكل أعمق.