التاريخ : 2024-03-25
مدة القراءة : 2 دقائق
تدور هواجيس الاقتصاديين هذه الأيام حول رفع معدلات أسعار الفائدة أو خفضها وظاهرتي التضخم والركود، وقد تحدثنا الأسبوع الماضي عن المعايير المتبعة للرفع والخفض والتي بدورها ستحدد اتجاه الاقتصاد، هل سيستمر بالتضخم أم سيدخل في حالة ركود أم أنه سيستقر عند المستويات الطبيعية؟ وكوننا عانينا بما فيه الكفاية من التضخم خلال الفترة الماضية، حيث حشدت البنوك المركزية كافة قراراتها لتحجيمه، وهذا ما حصل بالفعل حيث بدأت معدلاته بالانخفاض، إلا أن بعبع الركود بدأ بالتجلي وعاد الهاجس مرة أخرى ولكن بشكل معاكس.
مع كون المحصلة النهائية للتضخم والركود على حياة الناس واحدة وهي المعاناة، إلا أن الباحثين وجدوا فرقًا إيجابيًا جاء في صالح الركود، وهو إطالته لعمر الناس حينما بحثوا في التفاصيل.
أثر الركود القاسي يمتد ليتسبب بفقد الناس لمنازلهم، ووظائفهم، ومدخراتهم، وخروج حياتهم المهنية عن مسارها، إلا أن ورقة الفريق البحثي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة ماكماستر وجامعة شيكاغو، الذي قام بدراسة أثر فترات الركود السابقة على طول أعمار الناس، وجد أثرًا إيجابيًا له، فعند ارتفاع معدل البطالة في منطقة ما بنسبة مئوية واحدة، ينخفض معدل الوفيات بنسبة ٠.٥٪، مما يشير إلى أن الركود الاقتصادي كان له تأثيرًا إيجابيًا على صحة الإنسان وطول عمره. يُذكر أن هذا التأثير كان أكبر بالنسبة للأشخاص الأكبر سنًا والذين تعلموا تعليمًا محدودًا. وهذا عكس ما توقعه الأشخاص الذين شملتهم الدراسة حيث أن نصفهم كان يعتقد بأن مشاكل الركود ستزيد من معدل الوفيات.
لا توجد أسباب واضحة، لكن توجد بعض العوامل يتوقع أنها أدت لزيادة معدل الأعمار، وأبرزها انخفاض التلوث وتحسن جودة الهواء بسبب تقليل النشاطات الصناعية وحركة السيارات، وهذا ما اتضح أيضاً في فترة الجائحة عندما انخفضت معدلات التلوث.
كذلك تخلق البطالة التي يسببها الركود فسحة من الوقت لبعض الناس لينتبهوا فيها لصحتهم ويعتنوا بها، وتخفف البطالة أيضًا من الضغوطات التي يسببها العمل. وحول ذلك يقول ماثيو نوتويديجدو، أحد باحثي الدراسة إلى أن "التلوث ربما يكون غير مُنظَّم بما فيه الكفاية"، مما يعني أن القوانين والتنظيمات المتعلقة بالتلوث قد تكون غير كافية لحماية صحة الناس. وبالتالي، يشير إلى أهمية تشديد الرقابة على التلوث وتنظيمه بشكل أفضل لتحقيق فوائد مماثلة لتلك التي تمت في فترة الركود الاقتصادي، دون الحاجة إلى تعريض الاقتصاد للتدهور.
تتضمن هذه الدراسة بشكل غير مباشر نقد لنمط الحياة الذي نعيشه، فعندما تصبح المشاكل التي نخافها مؤثرة بشكل إيجابي على صحتنا، هذا يعني وجود خلل فيما نعيشه ونعتقد بصوابه.